مقالات وأراء المزيد ...
الشمول المالي في مصر.. تحديات التحدي

أحمد أبو علي
أصبح الشمول المالى يلعب دوراً محوريا فى دفع اقتصاديات الأمم نحو تحقيق معدلات تنمويه مرتفعه- خاصة فى ظل الجهود، التى تبذلها البنوك المركزية في كافه الدول لنشر الثقافة المصرفية بها، حيث تعهدت دول العالم خلال العقد الأخير، بتحقيق الشمول المالى عن طريق إتمام كل الخدمات المالية لمختلف فئات المجتمع من خلال القنوات المالية والمصرفية الرسمية، ولعل ذلك الامر يمثل واحدا من أهم التحديات الإقتصادية لكافه الانظمه الاقتصاديه، وتبرز أهمية الشمول المالى فى مدي قدرته على تحقيق الاستقرار المالى، وزيادة نصيب القطاع الرسمى على حساب غير الرسمى، فضلاً عن توفير المزيد من السيولة لتمويل المشروعات القومية، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وعلى الصعيد المصري، وضعت الدوله المصرية الشمول المالى هدفاً رئيسياً لها خلال السنوات الأخيرة، بداية من إنشاء الدولة للمجلس القومى للمدفوعات، وإطلاق البنك المركزى الكثير من المبادرات، وعلى رأسها مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بفائدة 5%، وإصدار تعليمات بفتح الفروع الصغيرة للبنوك، بهدف التوسّع فى تقديم الخدمات المصرفية للشركات الصغيرة والمتوسطة والتجزئة المصرفية، مروراً بإصدار البنك المركزى تعليمات بتقديم خدمات الدفع عن طريق الهاتف المحمول، إلى جانب القواعد المنظمة لتقديم الخدمات المصرفية عن طريق الإنترنت، فضلاً عن استحداث المركزى إدارة مركزية خاصة للشمول المالى، وإعلان شهر أبريل من كل عام شهراً للشمول المالى،ورغم الجهود الضخمة المبذولة من قبل البنك المركزي المصري لنشر وتعزيز الشمول المالى، فإن القطاع المصرفى ما زال يعانى من بعض التحديات التى تحول دون انتشار الشمول المالى بين جميع المواطنين بمختلف شرائحهم، حيث بلغ عدد المتعاملين مع القطاع المصرفى نحو 33% فقط من إجمالى المواطنين، منهم 28٪ يستغلون خدمة أو خدمتين فقط من الخدمات البنكية، بينما 36% يستخدمون الحسابات لإتمام عمليات المدفوعات الأساسية، مثل الكهرباء، و2% فقط هم من يستخدمون كل الخدمات البنكية.
ورغم كل مايبذله القطاع المصرفي المصري لتعزيز الشمول المالي ودعم التحول التام نحوه تحت قياده البنك المركزي المصري، الا انه هناك خمس تحديات ان لم تكن معوقات تحول نحو إنجاح وإتمام التنفيذ التام للشمول المالي في مجتمع المال والأعمال المصري وهي تتمثل فى محدودية انتشار ماكينات الـATM فى الريف والمناطق الحدودية، التى تعتبر أحد أكثر العناصر دعماً للشمول المالى، لما توفره للعملاء من إجراء المعاملات المالية فى الأماكن العامة كبديل عن الحاجة إلى موظف البنك، ويبلغ عدد الماكينات فى مصر 12٫2 ألف ماكينة ATM، تتركز أغلبها فى القاهرة والإسكندرية، بينما تعانى محافظات الصعيد، والمحافظات الحدودية من محدودية انتشارها، ويتمثل العائق الثانى فى تركز فروع البنوك فى المدن والمناطق الحضرية، مما يعيق نشر الثقافة المصرفية، فرغم ارتفاع إجمالى عدد فروع البنوك إلى 4220 فرعاً بنهاية العام الماضى، فإن عدد فروع القرى يبلغ 1016 فرعاً فقط، مما يدفع الكثير من المواطنين إلى العزوف عن التعامل مع البنوك، وتفضيل التعامل مع مكاتب البريد المنتشره في كافه أنحاء القري والنجوع- فيما تعتبر كثرة المستندات التى تطلبها البنوك من العملاء سواء لفتح حساب أو الحصول على قرض أحد العوائق التى تُحد من تعامل المواطنين مع البنوك، والتى تؤدى فى أغلب الأحيان إلى توجه العميل لشركات التمويل الاستهلاكى، لتوفير الوقت والجهد، أو اللجوء إلى الاقتراض من أحد التجار دون شروط أو مستندات، ما يُفقد القطاع المصرفى جزءاً من التعاملات المالية للمواطنين ويُحد من نشر الشمول المالى،ويتمثل العائق الرابع الذى يواجه العملاء، فى المشكلات التقنية للخدمات الإلكترونية التى تقدّمها البنوك، نظراً لحاجة البنوك إلى تطوير البنى التحتية التكنولوجية لأنظمتها،لذا تعمل البنوك حالياً على تخصيص ميزانيات لدعم البنية التحتية التكنولوجية لديها، فضلاً عن جهود البنك المركزى فى تحسين البيئة التكنولوجية، وهو ماتمثل في إطلاق أول بوابة إلكترونية للتكنولوجيا المالية فى مصر، كما أطلق قواعد خاصة لمقدمى الخدمات التكنولوجية للمدفوعات وميسرى عمليات الدفع الإلكترونى، إلى جانب إصدار قواعد منظمة لتقديم خدمات الدفع باستخدام الهاتف المحمول، وخامسا تمثّل خدمات التعهيد أو «out source» أيضاً أحد التحديات التى تواجه العملاء عند التعامل مع البنوك، حيث يفتقد موظفو هذه الخدمات فى البنوك إلى الكفاءة اللازمة للتعامل مع العملاء، فضلاً عن عدم المرونة فى التعامل، مقارنة بموظفى الكول سنتر فى شركات الاتصالات التى تتميز بالمرونة وعدم التعقيد.
وان كانت الخمس تحديات سالفه الذكر تكمن في القطاع المصرفي نفسه ، فإن هناك التحدي الاكبر علي صعيد المواطنين ، وهو أن الثقافه الماليه للمواطن من خلال أعتمادهم التام علي الكاش في كافه معاملاتهم الماديه - تكاد تكون هي السمه الغالبه لقطاع كبير من المواطنين في مصر ، لذلك في تحدي التوعيه الماليه ونشر الثقافه الماليه وحجم المكاسب المحققه من وراء التحول نحو الشمول المالي لكل من المواطن والمجتمع يجب ان يتم توضيحها وبقوه إعلاميا وكذلك نشر تلك الثقافه من خلال المناهج التعليميه ، وكذلك التوجه نحو الزام فتح حساب بنكي لكل مولود - فالبدايه مبكرا قد تكون سببا في إنجاح عمليه التحول صوب الشمول المالي مستقبلاً.